حقاًّ، قد يتحول حلم تأسيس عملٍ جديد إلى كابوسٍ في حال لم تتخذ الخطوات المناسبة لتنفيذ ذلك منذ بداية الطريق. فقد ينتهي بك المطاف كحال الكثير من المشاريع التجارية الواعدة، حيث ينتهي مشوارها بالفشل والإغلاق، وذلك لأن مالكيها دخلوا إلى عالم ريادة الأعمال دون خطة عملٍ متينة توجههم نحو الطريق الصحيح.
ما هي خطة العمل أساساً؟ هي خارطة تطلعك على نقطة انطلاقك وعلى نقطة وصولك، وتوضح لك الطريق التي ينبغي عليك سلكها للوصول إلى الهدف المنشود. ومن شأن خطة العمل هذه توضيح المسار والسماح للأمور بالتطور بطريقةٍ أكثر سلاسةً بالنسبة لك ولعملائك، خصوصاً في حالة عدم اليقين التي تكون سائدة خلال السنة الأولى من انطلاق العمل.
ولإنشاء خطة عمل متينة لمشروعك التجاري، هذا ما ينبغي عليك القيام به:
تصوّر طريقك إن نظرتك في ما يخص مشروع العمل هي نقطة بدايتك، لكنك بحاجة إلى طريقٍ صلب لتحويل هذه النظرة إلى حقيقة، وإلا ستفتقد إلى التركيز وسيتعثر مشروعك التجاري. ابدأ بأهداف أول 12 شهر وحدد الخطوات التي ينبغي تنفيذها لتحقيق تلك الأهداف.
دوّن خططك لا تكتفي بالتفكير بخططك فقط أو بمشاركتها مع فريق العمل، بل احرص على تدوينها أيضاً، وذلك لأن المستند الحقيقي قد يعزز تفكيرك ويزودك بمرجع يمكنك العودة إليه ساعة ما تشاء، فيما أنت تتقدم بخطواتك. تجدر الإشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن يحتوي هذا المستند على تفاصيل دقيقة عن الخطة، إذ يمكن أن يتشكل من كلماتٍ مفتاحية وبعض الأفكار الأساسية. وفي حال كنت من الذين يفكرون بطريقةٍ مرئية، يمكنك دائماً اعتماد خريطة ذهنية أو خارطة انسياب أو أي طريقة مرئية أخرى قد تناسبك.
حدد أهداف قابلة للقياس تتضمن خطة العمل المتينة أهداف واضحة غير مبهمة، يمكن قياسها بطريقةٍ علمية. من هنا، ينبغي عليك معرفة أن الهدف القابل للقياس يتضمن أرقام محددة كالعائد الذي تريد تحقيقه أو عدد العملاء الذي تود الوصول إليه في تاريخٍ معيّن، ومن شأن هذا الأمر تزويدك بمقياسٍ تتحقق عبره عن مدى تقدمك.
قسم المشاريع الكبيرة إلى أجزاءٍ صغيرة يمكن للمشاريع الكبيرة إرباكك قبل أن تقوم حتى بالخطوة الأولى من مشروعك، حيث قد تظهر وكأنها صعبة ومستحيلة التحقيق. تجنب هذا الأمر إذاً في خطة عملك عبر تقسيم مشاريعك الكبيرة إلى أجزاءٍ صغيرة. فبدلاً من تحديد هدف كبير وعام كـ "فتح متجري الخاص"، يمكنك استبدالها بتفاصيل عن هذا الهدف الكبير وبالطريقة التالية: إيجاد سمسار، تحديد المركز، تصميم المحل، اختيار المقاول وغيرها. وإذا كان الأمر مفيداً، يمكنك أيضاً تقسيم الأجزاء الصغيرة إلى أجزاء أخرى أصغر وهكذا...
توزيع المهام حتى لو كان هذا المشروع التجاري الذي تعمل عليه يشكل حلمك، فهذا لا يعني أنه ينبغي عليك القيام بكل خطوةٍ فيه بنفسك. وظف شركاء وموظفين وحتى موارد بشرية من الإنترنت لمساعدتك بالمهام ومتابعة مجريات العمل. وفيما تقوم بوضع خطة عملك، حدد الأمور التي ستوزعها على غيرك. ومن الممكن خلال هذه العملية، تحديد اسم الشخص الذي ستوكله ببعض المهام أو تحديد ببساطة المناصب التي ستحتاج إليها كـ"مساعد" أو "مساعدة افتراضية". يذكر أنه من شأن هذا الأمر تسهيل عملية التوظيف كونك على علمٍ بما تحتاج إليه وبالمهام التي ستوكلها وبالقدرات التي تبحث عنها بالتحديد.
تحديد إطار زمني لمشروعك لا تحتاج فقط إلى جدول زمني عام للمكان الذي تود أن تكون فيه خلال الشهر المقبل أو الربع المقبل أو حتى العام المقبل، بل تحتاج أيضاً إلى تعيين تواريخ محددة ضمن المخطط الزمني العام. فتحتاج كل مهمة رئيسية، وكل خطوة أساسية في بعض الأحيان إلى جدولها الخاص. وباتباع هذه الطريقة يمكنك تنظيم وقتك بفعالية.
يبقى عليك التقيد بهذه الخطة بعد إنجازها، فلا تحولها إلى حلمٍ مكتوبٍ فقط في دفتر الملاحظات، ولا تخبئها على الكمبيوتر أو تعلقها على الحائط وتكتفي. قم بمراجعة خطة عملك أسبوعياً أو حتى يومياً للتأكد من أنك على الطريق الصحيح، ومن ثم قم بالتخطيط لخطواتك التالية.
وفي حال أظهرت الخطة بأنها غير عملية أو شديدة الطموحات وتواجه صعوبة حقيقية في التقيّد بها، قم بتعديلها وتقسيمها الخطوات وحدد أهداف قصيرة المدى. وفيما تزودك خطة العمل هذه بتوجيهٍ محدد وطريق واضح، فهي ليست محفورة في الحجر بالحقيقة. ينبغي أن تكون خطة العمل هذه أداة لخدمتك ودعمك، وبينما تطبقها في الحقيقة، يمكنك دائماً تغييرها وتعديلها لتفيدك بشكلٍ أكبر.
في النهاية، وبمجرد انطلاق عملك الجديد، من الطبيعي أن تنشغل بأمور كثيرة التي ينبغي عليك القيام بها وتنفيذها. تذكر، إن فقدان التركيز خلال السنة الأولى من انطلاق العمل قد يؤذي سياق عملك بالفعل وبطريقةٍ شديدة. إن بدء مشوارك بخطة عملٍ متينة والمحافظة على انضباطك عبر التقيد بها، سيزيدان من فرصك في النجاح.