كان سون تزو، صاحب كتاب "فن الحرب"، استراتيجي عسكري وفيلسوف في الصين القديمة، وكان له تأثير كبير على الثقافة والتاريخ الآسيوي، وذلك عبر فلسفاته الفريدة وأسلوبه الاستراتيجي العسكري. هذا وقد لاقى عمله شهرةً كبيرة في المجتمع الغربي خلال القرنين 19 و20، بعدما تم ملاحظة أنه يمكن تطبيق استراتيجياته في عالم السياسة والأعمال. سوف ندرس في هذه المقالة بعض مقتطفات عمله القابلة للتطبيق، وكيف يمكن تنفيذها بنجاح في عالم الأعمال.

التخطيط هو الأساس

القول المأثور: "يفوز المحارب المنتصر أوّلاً، ومن ثم يذهب إلى الحرب، فيما يذهب المحارب المهزوم إلى الحرب أولاً، ومن ثم يسعى للفوز."

في هذا القول المأثور، يشدد سون تزو على أهمية بناء أساس للعمل قبل الشروع إلى القيام بما هو مهم، فعبر القيام بالبحث اللازم عن منافسك وتقييم نقاط قوته، يمكنك ضمان انتصارك من خلال اعتماد أساليب وتكتيكات متقدمة، قبل بداية المعركة.  

في عالم الأعمال، في حال دخلت سوقٍ جديد أو توسعت بفكرة، قبل التعرف إلى ما لديه منافسك لتقديمه أو كيف ستكون ردة فعل السوق المستهدف، فإنك تضع نفسك في مكانٍ يكون عليك تعديل خططك بشكلٍ مستمر، وبالتالي استنزاف مواردك ووقتك.

 تذكر أنه قبل تنفيذ أي فكرة جديدة في عالم الأعمال، ينبغي القيام أولاً ببحث معمق وبتخطيط دقيق للأمور.

توقع وتحضر للمنافسة

القول المأثور: "فن الحرب يعلمنا ألا نعتمد على احتمال ألا يأتي العدو، بل على استعدادنا لاستقباله، وليس على فرصة عدم مهاجمته، بل على حقيقة أننا جعلنا موقفنا ثابتاً غير قابلاً للتشكيك. "

رأى سون تزو أنه بدلاً من أن نتمنى بعدم حدوث أي مكروه، ينبغي أن يكون المرء مستعداً بشكلٍ دائم لكل ما قد يطرأ، وبالتالي ألا يكون المرء ضعيفاً أمام شيء ليس ظاهراً اليوم. عبر اتباع هذه الاستراتيجية، وعند حصول أي شيء سلبي، ستكون مستعداً للمواجهة، وستكون بالتالي حصرت حجم النتائج التي قد تترتب عن هذا الحادث.

في ما يخص عالم الأعمال، فإن تطوير منتجٍ جديد دون توقع أي منافسة هو أمرٍ غير واقعي. من هنا، ينبغي عليك كشركة تقديم منتج ذات قيمة كبيرة، وأن تكون مستعداً للمنافسة التي ستواجهها حتماً في السوق. في هذا السياق، يمكن أن يشمل التحضير، التقدم بطلب للحصول على براءة اختراع إن أمكن، أو مواصلة تطوير المنتج بشكلٍ استباقي قبل الحاجة الفعلية إلى ذلك. وتعد شركات ألعاب الكمبيوتر والجوال الرائدة مثالاً جيدًا على ذلك، إذ إنها عند إطلاق أو تحديث لعبة جديدة، فإنها تعلم مسبقاً عن التحديث التالي الذي ينبغي القيام به للمحافظة على اهتمام قاعدة المستخدمين الخاصة بها.

اهتم بموظفيك لأنهم سيهتمون بشركتك بالمقابل

القول المأثور: "تعامل مع جنودك وكأنهم أولادك، وسوف يتبعونك في أعمق الوديان؛ اهتم بهم كأولادك، وسيقفون بجانبك حتى الموت."

علم سون تزو، أنه دون دعم الجنود الذين يزودون الجيش بالقوة المطلوبة، لن يتمكن الجيش من الوصول إلى قوته الحقيقية. عبر التعامل مع الجنود بحبٍ واحترام، علم سون تزو أنه من شأن هذا الأمر دفعهم إلى المحاربة بشكلٍ أقوى، كما لو كانوا يحاربون لمصلحة عائلتهم.

إن الشركة التي لا تكون فيها رفاهية الموظف أولوية ولا يتم تقدير جهوده بشكل صحيح، لا يمكنها التوقع منه أن يبذل جهدٍ إضافي لإنهاء العمل عند الوقت المطلوب أو بذل أقصى جهوده لإنهاء العمل بأفضل طريقة ممكنة. من هنا، رأى سون تزو أنه إذا عاملت موظفيك وكأنهم جزء من عائلتك، فستحصل في المقابل على أفضل النتائج منهم، ما سيساعدك على تحقيق النجاح. عندما يشعر الموظفون بالتقدير ويستثمرون بما يقومون به، فإن أداء عملهم سيعكس ذلك. في السياق نفسه، يمكن اعتبار الموظفين في إحدى الشركات بمثابة محرك الماكينة؛ إن أداء الماكينة التي تمت صيانتها جيدًا ستعمل حتماً بشكلٍ أفضل من الماكينة التي تم إهمالها.

في النهاية، تذكر أنه يمكنك رفع عملك إلى نجاحاتٍ غير مسبوقة والتخفيف من غموض المستقبل، عبر اعتماد فلسفات الاستراتيجي العسكري القديم سون تزو، "فإذا تعلم عدوّك ونفسك بشكلٍ جيّد، لا ينبغي عليك الخوف من نتائج ألف معركة."