تعتبر أولى مراحل إطلاق عمل خاص بك من أكثرها تشجيعاً وإثارةً، حيث يمكنك التطور بسرعة، وذلك لأنك تتصرف بجرأة وتأخذ المخاطر الكبيرة، وبالفعل ليس هناك أي خط أحمر يقف عثرة أمام قراراتك المهمة. وبقدر ما تكون هذه المرحلة مفيدة وأساسية، إلا أنها لا يمكنها الاستمرار إلى الأبد.
فمع نمو عملك وتحوله إلى شركة، تبدأ كل الأمور بالتباطؤ والتريث، حيث أن القرارات الفردية تتحول إلى نقاشات جماعية، وتدخل المزيد من الآراء إلى هذه العملية وتبدأ الخلافات بالظهور، ولن تعود تكون قادراً على اتخاذ القرارات بمفردك، حيث أن كل فكرة تدخل في مراحل متنوعة وتسويات قبل أن تصل إلى مرحلة التنفيذ.
من هنا، ستكون إذاً مجبراً على إنشاء نظام داخلي يلتف عن الجوانب المزعجة في عملية صنع القرار هذه. وبالفعل، فإن إيجاد طريقة فعالة في هذا الإطار أمر بالغ الأهمية للإدارة السليمة للشركة النامية، لذا يكون من الضروري معرفة كيفية اتخاذ القرارات الجماعية بالشكل الصحيح.
المشكلة الكامنة في عملية اتخاذ القرارات الجماعية
مررنا جميعاً في هذه التجربة التي تدور حول الاجتماعات الطويلة التي لا ينبثق منها أي قرارات، وبالطبع تعتبر هذه الاجتماعات بمثابة مضيعة للوقت. مما لا شك فيه هو أن الاجتماعات غير المجدية محكوم عليها بالفشل منذ بدايتها. وفي حال كان هناك الكثير من الأفراد معنيين في المشاركة في نقاش لحل أي مشكلة، فلن يحقق هذا الأمر إلا القليل من التقدم نحو الحلول، وذلك لأنه من شبه المستحيل جعل أكثر من ثلاثة أفراد يتفقون على فكرة معينة وموحدة.
تبدأ هذه الاجتماعات على الأغلب بإعادة تحديد المشكلة الواقعة، حيث يتم طرح قرار معين وتبدأ الأطراف المشاركة بالموافقة عليه أو رفضه. وقبل التوصل إلى أي إجماع، تبدأ الأفكار الأخرى بالظهور، فيتعقد النقاش كون الأفكار تكثر والآراء حولها تكثر أيضاً. وفي نهاية المطاف، لا يتم التوصل إلى أي قرار! هذا هو مثال على الاجتماعات التي تؤدي إلى إضاعة الكثير من الوقت في الشركات.
مفتاح القرارات الأفضل
إن مفتاح اتخاذ القرارات بشكل أفضل هو تحديد دور كل فردٍ مشارك بوضوح، فعندما يتعرف الأفراد على أدوارهم في هذه العملية، يمكنهم تحديد وظيفتهم وتنفيذها بشكلٍ أفضل. من هنا، عليك إذاً تحديد ثلاثة أدوار فقط للأفراد المشاركين في اجتماعات صنع واتخاذ القرارات:
- المشرف على الجلسة/ الاجتماع
يدور دور هذا الفرد حول طرق تنظيم الاجتماع، حيث عليه إيقاف النقاش عندما يراه غير مفيداً. وكلما بدأ المشاركون في التحدث عن بعضهم البعض، أو التركيز على فكرة أو أفكار غير عملية، على المشرف إذاً التدخل وإعادة النظام. ولا شك في أن هذا العمل شاق، لذا على هذا الفرد أن يتمتع بالقدرة على تنظيم وإرشاد نقاش المجموعة دون التسبب بغضب أي فرد من المشاركين.
- صانع القرار
يدور عمل هذا الشخص حول اتخاذ القرار الأخير. وغالباً ما لا يتحدث صاحب هذا الدور كثيراً خلال الاجتماع، حيث يركز على الاستماع لما يطرحه الآخرين ويدون الملاحظات. وفي الوقت الذي يقوم فيه المشاركون بتطوير الكثير من الآراء التي يمكنها تشكيل الحلول، يقوم صانع القرار بالتفكير بها بشكلٍ دقيق.
تجدر الإشارة إلى أن دور المشرف على الجلسة أساسي جداً بالنسبة لصانع القرار، حيث بتنظيمه سياق الاجتماع، يسمح لصانع القرار بالتركيز والتفكير.
- فريق البحث والتفكير (Think Tank)
يشير هذا الدور إلى مجموعة الأفراد الذين لا يتكفلون بالإشراف على الاجتماع أو اتخاذ القرارات. كل من لا يقوم بالدورين السابقين هم ضمن فريق البحث والتفكير. يعتبر هذا الدور جذاباً ومثيراً، وذلك لأنه يجعل كل من فيه يشعر بأنه مهم، وغالباً ما يصف عنوان هذا الدور وظيفة أفراده، حيث عليهم مساعدة صناع القرار في التفكير بالمسالة الحالية، وعليهم طرح حلول بأكبر قدر ممكن، والعمل على تطوير نقاش مفيد ومحترم. الأهم من ذلك، على أعضاء هذا الفريق معرفة أن القرار الأخير ليس محصوراً بيدهم. من هنا، يجب ألا يتحدثوا عما حصل في الاجتماع، وذلك لأنه كل ما عليهم القيام به هو المشاركة في النقاش وتزويد الحضور بالمعلومات المفيدة.
اتخاذ القرار
يمتلك صانع القرار السلطة الأقوى خلال هذه المرحلة، من هنا، لا تسأله عن شعوره بإحدى الأفكار المطروحة خلال الاجتماع. في المقابل، افسح له المجال بدراسة ما هو مطروح من كل جوانبه قبل اتخاذ أي قرار نهائي. وعند اتخاذ هذا القرار، يكون الأمر قد حسم وانتهى. وافتراضاً أنه ليس هناك أي تعليقات من الإدارة العليا، يكون القرار قد تم بالفعل، وليس هناك أي جدوى من القيام بالمزيد من الاجتماعات لنقد القرار أو تغييره. وبالرغم من أنه يمكن لأعضاء فريق التفكير والبحث عدم التوافق مع القرار، إلا أنه عليهم الموافقة عليه. وبالفعل، ليس هناك أي قيمة لإعادة ذكر آرائهم التي ذكروها بالفعل خلال الاجتماعات السابقة، فعند هذه النقطة يكون النقاش قد انتهى وأغلق. في النهاية، إذا اتبعت هذا النظام، ستلاحظ أن عملك أصبح أكثر انفتاحاً وقبولاً لاتخاذ القرارات الصحيحة، حيث سيكون عملك بمثابة آلة تعمل على طاقة القرارات الفعالة.